أكد تقرير دولي حديث أنه على الرغم من استمرار الهواجس والمخاوف لدى الدول الغربية تجاه صناديق الثروات كالسيادية، إلا أن التطورات الأخيرة على صعيد الاقتصاد العالمي، خصوصاً إثر أزمة الرهن العقاري في أمريكا وما خلفته من خسائر هائلة لكثير من المؤسسات المالية الأمريكية والأوروبية، فضلاً عن تزامنها مع اتجاه الاقتصاد الأمريكي إلى الركود، أدت هذه العوامل مجتمعة إلى مراجعة الدول الغربية مواقفها تجاه صناديق الثروات السيادية.
وأكد التقرير الصادر عن صندوق النقد، أن هناك مزايا عدة ناجمة عن استثمارات صناديق الثروات السيادية، من أهمها أنه لم تسجل أي ممارسة سلبية في سجل هذه الصناديق حتى الآن، وأن ما تمثله هذه الصناديق في الوقت الحاضر لا يصل إلى أكثر من 2% فقط من نحو 165 تريليون دولار حجم الأسهم المتداولة عالمياً، أي أنه حتى لو افترضنا أن هذه الصناديق أرادت أن تحرك استثماراتها بشكل مفاجئ، فإن ذلك لن يكون له تأثير يذكر، وبالتالي فإن المخاوف من مثل هذا التحرك مبالغ فيها إلى حدٍ كبير.
وأضاف التقرير أن من المزايا أيضاً أن هذه الصناديق تمثل مستثمراً طويل الأجل، مستعداً لتحمل تقلبات السوق القصيرة الأجل، ما يمثل عامل استقرار للأسواق المالية، إضافةً إلى كونها مستثمراً مسالماً يوفر أموالاً كبيرة، من دون الإصرار على التمثيل في مجالس الإدارة أو حتى التأثير في الإدارة أو تغيرها أو طرد موظفيها، إلى جانب أن هذه الصناديق بما تمثله من أموال كبيرة تعتبر عاملاً مساعداً في معالجة الاختلالات المالية على الصعيد العالمي، وذلك من خلال نقل الأموال من دول الفائض إلى الدول التي تعاني عجزاً مالياً وتحتاج إلى مثل هذه الأموال، هذا عدا عن كونها عاملاً مهماً في زيادة تكامل الاقتصاد العالمي وزيادة الشراكة وربط المصالح المشتركة.
وأكد التقرير في تقرير صدر حديثاً، أن عدد صناديق الثروات السيادية فاق الـ38 صندوقاً في الوقت الحاضر، منها 30 صندوقاً قامت الدول النامية المصدرة للمواد الأولية بإنشائها؛ وذلك من أجل توفير الأموال للأجيال المقبلة واستخدامها عند الحاجة من أجل إضفاء الاستقرار على برامج التنمية الاقتصادية.
ويقدر الصندوق النقد حجم أموال هذه الصناديق بنحو ثلاثة تريليونات دولار، وهي بذلك تزيد على حجم صناديق التحوط التي يقدر حجم موجوداتها بنحو 1.9 تريليون دولار، كما أنها تمثل نحو 0.5% من حجم الاستثمارات الخارجية للحكومات في العالم.
وأفاد الصندوق بأن ما تشهده دول مجلس التعاون من تغيرات سريعة وجذرية في النظام الاقتصادي العالمي الجديد يدفع باتجاه تفادي الآثار السلبية للعوائق الاقتصادية أمام تدفق التجارة السلبية والخدمية والاستثمارات الخارجية، مشيراً إلى أن توجهها لإزالة هذه العوائق وإقامة تكتلات اقتصادية وتنويع خدماتها وتقليل تكاليفها ما يحقق الانتشار على الصعيدين المحلي والأجنبي.
وبشأن الرقابة على أنشطة صناديق الثروات السيادية، ذكر التقرير أن الدول الغربية لديها ما يكفي من القوانين التي تحكم عمل الاستثمارات الأجنبية، إذ إن هناك مثلاً حدوداً لملكية المصارف بحكم كون الدول في الغالب الضامن لودائع البنوك، وهذا التحديد ينطبق أكثر على تكنولوجيا الدفاع وحتى شركات المرافق؛ لذلك ليست هناك حاجة إلى وضع دليل جديد لتحديد دخول وتحرك استثمارات صناديق الثروات السيادية، حيث لا يجب أن يكون هناك تمييز ضد نشاط هذه الاستثمارات التي ستخضع بالضرورة للقوانين نفسها التي تسري على غيرها من الاستثمارات من دون تفرقة.
وعلى الصعيد نفسه، أوضح معهد صناديق الثروات السيادية في تقرير صدر أخيراً ارتفاع أصول الصناديق السيادية العربية إلى 1.64 تريليون دولار نهاية الربع الأول من العام الجاري، بزيادة قدرها 200 مليار دولار عن قيمتها نهاية العام الماضي.
وأظهرت البيانات أن أصول الصناديق السيادية الخليجية بلغت 1.3 تريليون دولار، وهو ما يشكل 79% من إجمالي أصول الصناديق العربية كلها، ونسبة 47% من إجمالي أصول الصناديق السيادية في العالم كله، التي بلغت 3.5 تريليونات دولار نهاية الربع الأول من العام الجاري.
وأرجع محللون هذه الزيادة في ارتفاع قيمة أصول الصناديق السيادية الخليجية إلى تحسن أسواق الأسهم العالمية؛ وهو ما رفع من قيمة الاستثمارات الخليجية فيها، وكذلك إلى تحسن أسعار السلع، إذ يمتلك الكثير من الصناديق السيادية استثمارات في السلع، إلا أنه يصعب تحديد حجم هذه الاستثمارات.