توفي يوم الاثنين الكاتب المصري نصر حامد أبو زيد استاذ الدراسات الادبية بجامعة القاهرة عن عمر يناهز 67 عاما في مستشفى بمدينة السادس من أكتوبر غربي القاهرة بعد صراع مع مرض غريب فقد معه الذاكرة في الاونة الاخيرة.
وكان أبو زيد غادر مصر في منتصف التسعينيات قائلا انه تعرض للاضطهاد بسبب ارائه العلمية واتباعه منهجا انتقاديا للسلطة النصوص الاسلامية تسبب في صدور حكم بالتفريق بينه وبين زوجته ابتهال يونس أستاذة اللغة الفرنسية بجامعة القاهرة.
وكان أبو زيد قد طالب بالتحرر من سلطة النص الديني بما في ذلك التفسيرات المتعددة للقرآن الذي رأى أنه النص المهيمن على الثقافة العربية وأنه يعوق التقدم. وتسبب ذلك في اتهامه بالردة.
وشاعت أفكار أبو زيد في وقت كانت مصر تمر فيه بموجة من التشدد الاسلامي ظهرت آثارها في انتشار الحجاب. وكانت حكومة الرئيس حسني مبارك تخوض في ذلك الوقت حرب شوارع مع الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد وهما منظمتان اسلاميتان متشددتان.
ومثلت اراء أبو زيد تحديا للازهر والشعور الشعبي العام المتمسك بالدين.
وكان ابو زيد قال لرويترز عام 2008 انه ضد الفكر الديني الجامد وان الفكر الديني الجامد ترعاه المؤسسات السلطوية بحسب الثابت في تاريخ الاديان.
وأضاف أنه لا يخرج عن نطاق الدين حين يحارب الفكر المتشدد.
وقال أبو زيد ان من الواجب فهم الاسلام في سياقه التاريخي والجغرافي والثقافي وبالتالي فان الاسلام النقي لم يكن موجودا في أي وقت.
ولد أبو زيد في العاشر من يوليو تموز عام 1943 في قرية قحافة القريبة من مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية وحصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية قسم اللاسلكي عام 1960 ثم التحق بكلية الاداب جامعة القاهرة وتخرج في قسم اللغة العربية عام 1972.
ونال من كلية الاداب نفسها درجة الدكتوراه في الدراسات الاسلامية عام 1979 ثم عمل أستاذا زائرا بجامعة أوساكا باليابان بين عامي 1985 و1989 وأستاذا للدراسات الاسلامية بجامعة لايدن في هولندا منذ عام 1995 بعد صدور الحكم بالتفريق بينه وبين زوجته بموجب قانون الحسبة.
وقال أبو زيد في ذلك الوقت انه تلقى تهديدات بالقتل خاصة من تنظيم الجهاد حين كان يقوده أيمن الظواهري الذي صار فيما بعد الرجل الثاني في تنظيم القاعدة. لكن أبو زيد عاد الى مصر في هدوء قبل سنوات لالقاء محاضرات وتلقي العلاج.
وتفجرت قضية أبو زيد عندما اتهمه أعضاء في لجنة علمية شكلتها جامعة القاهرة لمناقشة أبحاث تقدم بها للحصول على درجة "أستاذ" بالردة. ورفعت دعوى تفريق بينه وبين زوجته وصدر ضده الحكم من احدى محاكم الاحوال الشخصية فاضطر الى ترك البلاد الى هولندا.
ولابو زيد كتب منها (الاتجاه العقلي في التفسير.. دراسة في قضية المجاز في القران عند المعتزلة) و(دراسة في تأويل القران عند محيي الدين بن عربي) وهما رسالتاه للماجستير والدكتوراه و(مفهوم النص.. دراسة في علوم القران) و (الامام الشافعي وتأسيس الايديولوجية الوسطية) و(نقد الخطاب الديني) و(دوائر الخوف.. قراءة في خطاب المرأة) و(التفكير في زمن التكفير).
ونال أبو زيد أوسمة وجوائز في العالم العربي وخارجه واخرها جائزة (ابن رشد للفكر الحر) في برلين عام 2005 وتحمل اسم الفيلسوف العربي الشهير (1126-1198).
وأشاد كتاب غربيون بارزون بشجاعة أبو زيد. وكتب فيليب جينكنز أستاذ التاريخ والدراسات الدينية في جامعة بنسلفانيا ستيت يونيفرستي الامريكية يقول "ابو زيد شخصية بطولية وهو دارس خاطر بكل شيء من أجل استعادة تقاليد التفكير العقلاني والتسامح اللذين ميزا الدين الاسلامي طويلا."
وقال أبو زيد لصحيفة الاهرام ويكلي الاسبوعية الانجليزية المصرية عام 2000 انه لا يخشى أن يقتله متشدد لكنه يخاف الاعاقة بعد هجوم مثلما حدث للروائي نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الادب الذي أصيب في هجوم بسكين عام 1994.