في إطار سعي الحكومة المصرية إلى تحسين أداء الاقتصاد القومي ورفع معدلات النمو التي انخفضت متأثرة بالأزمة الاقتصادية العالمية، قامت باستصدار قانون الضرائب العقارية الجديد لسنة 2008 وتبعه صدور قرار وزير المالية لسنة 2009 بهدف دمج قيمة الثروة العقارية في النشاط الاقتصادي والتي تقدر بأكثر من 250 مليار دولار لما يقرب من 30 مليون عقار.
وبالإضافة لهذه الثروة الضخمة تأتي إيرادات الحكومة الناتجة عن حصيلة الضرائب التي تؤخذ ممن يملكون عقارات تزيد قيمة الواحدة منها عن 500 ألف جنيه لزيادة قدرة الحكومة على الانفاق على الخدمات والمرافق خاصة في المناطق الفقيرة والمناطق الأشد فقرا، من هنا تأتي أهمية التقييم العقاري في تحديد قيمة العقارات الخاضعة للضريبة بشكل عادل ومرضي لصاحب العقار من جهة ولمصلحة الضرائب العقارية من جهة أخرى.
وفي هذا الإطار نظمت جمعية الحفاظ على الثروة العقارية والتنمية المعمارية خلال السادس والسابع من مارس الجاري المؤتمر الأول "التقييم العقاري والمنظومة الاقتصادية المعاصرة " في المركز الدولي للمؤتمرات بالقاهرة، تحت رعاية المهندس أحمد المغربي وزير الاسكان والمرافق والدكتور مصطفى الدمرداش رئيس مركز بحوث الإسكان والبناء.
وافتتح المؤتمر اليوم السبت 6 مارس الدكتور مهندس حسين جمعة رئيس الجمعية بحضور كل من الدكتور مهندس شريف فخري نائب رئيس مركز بحوث الإسكان والبناء، والمهندس الاستشاري عبد المجيد جادو مقرر المؤتمر، و المهندس إبراهيم عوض عضو المجالس القومية المتخصصة ونائب رئيس هيئة الأبنية التعليمية السابق، والخبير الاقتصادي سلامة غباشي.
وأكد جمعة في معرض كلمته الافتتاحية للمؤتمر أهمية الثروة العقارية، مشيرا إلى أن المنظومة العقارية فى مصر تحتاج إلى ترتيب حتى نقضي على احتكار فئات معينة لتلك الثروة ،مطالبا بضرورة إنشاء قاعدة بيانات حكومية تنظم اشتراطات التقييم العقاري.
كما تطرق جمعة إلى أهمية تضافر جهود الجامعات المصرية للتعاون لاتاحة قيد المقييميين العقاريين، مشيرا إلى أن دولة مثل مصر تضم تلك الثروة العقارية الضخمة ولا يوجد بها سوى أقل من 150 خبير عقاري معتمد.
وطالب جمعة أيضا بضرورة اعتماد خبراء التقييم العقاري المتخصصين لدى المحاكم شأنهم شأن الخبراء الهندسيين، مقترحا انشاء نقابة عامة لخبراء التقييم العقاري.
وقام الدكتور حسين جمعة بتكريم المرحوم الدكتور محمد عبد الرازق، لجهوده بالجمعية وتسلمت عنه شهادة التقدير وهدية تذكارية ابنته الدكتورة غادة عبد الرازق، كما منح شهادة تقدير لكل من الدكتور مصطفى الدمرداش والدكتور شريف فخري.
ومن جانبه ، أشار الدكتور مصطفى الدمرداش رئيس مركز بحوث الإسكان والبناء في كلمته التي ألقاها عن الدكتور شريف فخري إلى أن الاستثمار في مجال العقارات يعتبر من الاستثمارات المتراكمة التي تتوارثها الاجيال وهو ما تتطلبه التنمية المستدامة، لذلك يجب أن يشمل التقييم العقاري الابعاد البيئية ومتطلبات التنمية والعادات والتقاليد الخاصة بكل منطقة.
وصرح فخري أن مركز بحوث الإسكان والبناء يدرس مشروع قومي لدراسة النظم البديلة في مجال الانشاء وتطوير نظم محلية في هذا المجال بهدف الوصول إلى منشآت منخفضة التكاليف وصديقة للبيئة وموفرة للطاقة.
وفي نفس الاتجاه أكد المهندس الاستشاري عبد المجيد جادو مقرر المؤتمر أن المنظومة العقارية هي قاطرة النمو في كل الاقتصادات ، وأن الواقع العقاري اليوم يفرض علينا دراسة والأخد بالمنهج العلمي لدراسة مشاكل القطاع وإيجاد حلول واقعية لكل مشكلة للنهوض بهذا القطاع لإعطاء الثروة العقارية قيمة مضافة، مشيرا إلى أن العمارة هي "ذاكرة الأمة" ووسيلتها لتحقيق التقدم.
ومن جانبه تحدث الدكتور أبراهيم عوض عن موضوع تقييم أضرار المنشآت ،موضحا أنه موضوع فضفاض وله أسباب كثيرة أهمها هو التعليم ،مشيرا إلى أنه في مصر تقوم الجامعات بتخريج مهندسين أكادميين أى دون استعداد للتنفيذ.
وأشار عوض إلى أن 4% من خريجي كليات الهندسة فقط يعملون في المجالات التي قاموا بدراستها ،مطالبا بترسيخ فكرة "المهندس تحت التدريب" بمعنى ان يخرج خريج الهندسة مهندس تحت التدريب وبعد اجتياز فترة تدريب عملي محددة يحصل على رخصة لمزاولة المهنة.
وفي هذا الصدد ضرب عوض مثال بالدولة المتقدمة التي ترصد مالا يقل عن 2% من ناتجها القومي لبند التدريب في حين أنه غير مدرج أساسا فى الميزانيات المصرية وان الانفاق على التدريب يأتى من استقطاعات من بنود أخرى غالبا.
وأشار عوض أن المنظومة العقارية في أى دولة تشمل العلاقة بين المالك، والاستشاري، والمقاول والقانون الذي ينظم العلاقة بين الاطراف الثلاثة.