قال الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي إن الدول العربية اصبحت اكثر قدرة على إدارة الأزمات وتبني اولويات سليمة وتنفيذ اصلاحات شاملة وتوفير بيئات مؤسسية افضل لتحفيز الاستثمار وتسريع النمو نتيجة الدروس التي استقتها من الازمة المالية العالمية.
وقال الصندوق في تقرير له حول تعامل الاقتصاديات العربية مع الاثار الناجمة عن الازمة المالية العالمية ان الدروس التي استفادتها الدول العربية من الازمة تؤكد ان الحل يكمن في زيادة كفاءة اقتصادياتها لانه المخرج الوحيد لتحسين اقتصادياتها مما يتطلب شفافية اكثر وتطبيق الحاكمية الرشيدة والمساءلة في القطاعين العام والخاص.
وتوقع الصندوق ان يشهد معدل النمو الاقتصادي في الدول العربية ارتفاعا في عام 2010 ليبلغ 5.2% مقارنة مع 1.5% عام 2009.
وقال الصندوق ان المنطقة العربية تواجه تحديات بيئية واجتماعية هائلة وهي بحاجة ماسة لاستثمار كل الطاقات والموارد المتوفرة لتلبية الاحتياجات الملحة لفئة الشباب الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكان المنطقة ويتزايدون بمعدلات غير مسبوقة.
واكد ان المنطقة العربية بحاجة إلى وقف التدهور البيئي نظرا لتضاؤل الموارد المائية وانخفاض الرقعة الزراعية واستنزاف موارد الحياة البحرية وتلوث المناطق الشاطئية.
وقال ان على الدول العربية ان تستثمر المزيد في عملية التحديث وتركز جهود الاستثمار على قطاع الطاقة الذي سيوفر استثمارات غير عادية مشيرا الى ان تعزيز فرص الاستثماريحتاج الى تطوير البنية التحتية.
واكد التقرير انه يتعين على الدول العربية ان تستثمر ما قيمته 50 مليار دولار سنويا خلال العقد القادم لتحسين وتوسيع شبكة الطرق لديها مما سيوفر فرصا استثمارية للقطاع العام اقليميا ودوليا.
واشار الى ان المنطقة العربية تعاني من أزمة بطالة مزمنة ويتعين على دول المنطقة خلق ما لايقل عن 70 مليون وظيفة جديدة خلال العقدين القادمين وبالتالي فان المنطقة غير مهيأة على مواجهة أي تباطؤ في النمو الاقتصادي في المستقبل.
وقال ان غالبية دول المنطقة العربية تمكنت من تجنب اضرار كبيرة على اقتصادها لكن لا تزال التهديدات قائمة بخصوص الاستقرار النقدي وتحقيق نمو اقتصادي وخلق فرص عمل.
وقال ان القطاع المالي في الدول العربية غير الخليجية كان الاقل عرضة لاضطرابات الازمة المالية العالمية لانها اكثر تحكما بسياساتها الاقتصادية مقارنة مع دول مجلس التعاون الخليجي لانها اكثر ارتباطا مع القطاعات المالية العالمية.
وبين التقرير وفقا لما ورد في وكالة الأنباء الأردنية "بترا" أن ابرز النتائج التي افرزتها الازمة المالية العالمية انه ما من دولة بصرف النظر عن قدراتها وامكانياتها تستطيع ان تحصن نفسها من الازمات الاقتصادية التي تحل بالدولة الاخرى وبالتالي فان الاختلالات الاقتصادية الكبيرة تطال جميع الدول ولا يوجد جدوى من زيادة العزلة عن الاقتصاد العالمي اذ على العكس من ذلك فانه يتعين على الدول العربية ان تسعى الى الانفتاح بشكل اكبر على الاقتصاد العالمي والاندماج مع السياسات المالية في العالم.
وفيما يتعلق بالاداء الاقتصادي في المنطقة قال انه في بعض الدول العربية تلعب الصادرات والسياحة وتدفقات رؤوس الاموال دورا كبيرا في نمو اقتصادياتها فالسياحة مثلا تساهم في توفير 420 الف فرصة عمل في الاردن و3 ملايين فرصة في مصر و900 الف فرصة في سوريا.
واشار الى ان تدفقات حوالات العاملين في الخارج بلغت 27 مليار دينار في كل من مصر ولبنان والاردن وتونس والمغرب معا وتشكل هذه التدفقات في الاردن الذي يعتبر الاكثر اعتمادا على هذا المورد 15% من الناتج المحلي الاجمالي.
ومن المتوقع ان تتراكم الموارد المالية النفطية في الدول الخليجية بشكل يزيد عن حاجتها للاستثمارات المحلية ومن المحتمل ان تذهب هذه الموارد الى الاسواق المتقدمة والناشئة لكن كميات كبيرة منها ستنجذب نحو المنطقة العربية لحوض المتوسط لتمويل مشروعات البنية التحتية وغيرها من المشروعات التنموية.
وقال إن هذا سيكون في مصلحة المنطقة العربية حيث ستتمكن من توسعة اسواقها المحلية وجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة.
وسيكون كذلك في مصلحة اوروبا التي تعاني من موجات هجرة من مواطنين عرب سعيا للحصول على فرص عمل افضل حيث أن توفير المزيد من فرص العمل على الحافة الجنوبية للمتوسط وفتح الأسواق ونقل التكنولوجيا وتوفير فرص التدريب والتعليم سيؤدي إلى المزيد من الاستقرار والرخاء للمنطقة برمتها.
وقال إن الدول العربية قادرة على تسريع عملية التغيير إذا ما تمكنت بلدان حوض المتوسط من تجديد خطط التعاون فالعرب والأوروبيون يمكن أن يفعلوا الكثير معا لتعزيز الاستقرار في المنطقة وتحويلها إلى قوة دافعة نحو المزيد من التفاهم والتعاون والتقدم.