تعد المستويات القياسية التي حظي بها سعر المعدن الأصفر خاصة في نهاية العام الماضي مواصلا قفزاته للعام التاسع على التوالي بمثابة حافزا قويا للإقبال على المعدن باعتباره أداة استثمار آمنة وذات عائد مجدي مقارنة بتقلبات أسواق المال بجانب اتجاه الأموال للمعدن من خلال الطلب على المشغولات الذهبية.
ويتضح ذلك من خلال البيانات الجديدة للمجلس العالمي للذهب التي كشفت عن ارتفاع الطلب على المعدن الأصفر عالميا بنحو 2.6 % خلال الربع الأخير مقارنة بالربع الثالث من نفس العام وذلك في ظل زيادة الإقبال على المعدن سواء بغرض الاستثمار أو بغرض شراء المشغولات الذهبية خاصة في ضوء المستويات القياسية لسعر الأونصة والتي تجاوزت الـ1200 دولار.
وأشار المجلس الذي يتخذ من لندن مقرا له في تقريره الذي أوردت مقتطفات منه شبكة "بلوم برج" الإخبارية إلى أن الاستهلاك العالمي للمعدن قد ارتفع إلى 819.7 طن متري وذلك في ظل ارتفاع أسعار المعدن الأصفر في المتوسط بأكثر من 15 % مقارنة بالأسعار المسجلة في الربع الثالث.
ورغم الانتعاش الذي شهده الطلب على المعدن الأصفر خلال الربع الأخير من العام الماضي إلا أن مستويات الطلب تعد أقل بنحو 24 % مقارنة بنفس الفترة من العام 2008 حينما شهدت أسواق المعدن عمليات شراء من قبل المستثمرين باعتبار المعدن في تلك المرحلة الملاذ الأمثل والآمن في مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية.
مستويات القياسية
وقد شهد الشهر الأخير من العام الماضي قفزات ملحوظة لسعر المعدن الأصفر مسجلا أعلى مستوياته حيث بلغ 1226.56 دولار للأونصة ليواصل ارتفاعاته للعام التاسع على التوالي في الوقت الذي أحرز فيه ارتفاعا بحوالي 2 % منذ بداية العام الحالي.
وتبلغ نسبة ارتفاعات المعدن الأصفر العام الماضي بحوالي 24 % بينما تراجع مؤشر الدولار الذي يرصد أداء العملة الأمريكية مقابل ستة من العملات الرئيسية وذلك بنحو 4.2 % حيث من المعروف أن أسعار الذهب تسلك عادة اتجاها معاكسا لاتجاه سعر الدولار.
ويقدر متوسط السعر الفوري للمعدن في بورصة لندن خلال الربع الأخير من العام الماضي بنحو 1100 دولار للأونصة وذلك مقارنة بمتوسط السعر المسجل في الربع الثالث والبالغ 960 دولار .
[ارتفاع الطلب العالمي]
ارتفاع الطلب العالمي
وتشير البيانات إلى أن الطلب العالمي على المعدن بفرض الاستثمار قد ارتفع في الربع الأخير بـ2 % مقارنة بالربع الثالث ليبلغ 219.5 طن.
وعلى مستوى أسواق أمريكا الشمالية وغرب أوروبا قفز الطلب على المعدن الأصفر بغرض الاستثمار بنحو 77 % خلال الربع الأخير ليبلغ 61.3 طن.
وفيما يتعلق بالطلب على المعدن في إطار شراء المشغولات الذهبية فقد شهدت الأسواق عالميا ارتفاعا في المبيعات خلال الربع الأخير بنحو 2.5 % مقارنة بالمستويات المسجلة في الربع الثالث ليبلغ حجم الطلب 500.4 طن غير أن الطلب جاء متراجعا بحوالي 8.5 % مقارنة بمستويات الاستهلاك المسجلة في نفس الفترة من العام 2008 حينما كان متوسط سعر الأونصة 800 دولار.
وشهد الطلب على المعدن في مجال الصناعات الاليكترونية التي تمثل أكبر القطاعات الصناعية استخداما للذهب ارتفاعا بنحو 4.5 % ليبلغ الاستهلاك 68 طن مقارنة بالربع الثالث كما ارتفع استهلاك ذلك من المعدن بحوالي 25 % مقارنة بمستويات الطلب في الربع الأخير من العام السابق.
الطلب العالمي
تجاوز الطلب العالمي على الذهب العام الماضي 100 مليار دولار مسجلا انخفاضا بنسبة 11% إلى 3385.8 طن، مقارنة بالأداء الاستثنائي الذي سجله خلال العام 2008، ما أدى إلى تعافي الطلب على الذهب في قطاع المجوهرات و قطاع الصناعة، بعد أداء ضعيف في الربع الأول ومرونة الطلب على الاستثمار على مدار العام الماضي.
ووفقاً للتقرير الصادر عن مجلس الذهب العالمي، فإن أسواق الذهب في الشرق الأوسط واجهت تحديات كبيرة، نتجت من "تردي الأوضاع الاقتصادية، و ارتفاع أسعار الذهب، ما أدى إلى انخفاض الطلب لديها 28%، مقارنة بعام 2008 ليصل إلى 250.6 طن".
أسواق الصين
وتعد الصين الدولة الوحيدة التي شهدت ارتفاعا في حجم الطلب على المشغولات من المعدن الأصفر وذلك على مدار العام الماضي حيث ارتفع الاستهلاك في أسواق الصين بـ6.2 % ليبلغ حجم المبيعات من المشغولات حوالي 347.1 طن كما تقلصت بذلك الفجوة في حجم الطلب مع الهند التي تعد أكبر مستهلك للمعدن الأصفر في العالم إلى 58.7 طن العام الماضي مقارنة بالفجوة المسجلة في مستويات الطلب بين كل من الهند والصين في عام 2008 والتي قدرت بـ174.9 طن.
ويشير في ذلك الصدد تقرير المجلس العالمي للذهب إلى أن الارتفاع في حجم الطلب على المعدن الأصفر سواء للاستخدام في الأغراض الصناعية أو مجال المشغولات الذهبية في ضوء مؤشرات التحسن الاقتصادي الذي قد يأتي تدريجيا بصورة نسبية نظرًا لأن الأسواق في الدول الغربية قد تواجه مستويات بطالة مرتفعة بينما لا تشهد الدخول في الدول الأخرى من العالم زيادة بنفس معدلات الزيادة التي تشهدها أسعار الذهب.