رغم انهاء العملة الأمريكية عام 2009 على تقلبات وخسائر حادة مقابل سلة العملات الرئيسية إلا أن العملة الخضراء ما زالت تهيمن على العالم رغم مكانة اليورو الكبيرة.
وطالب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر إلى إيجاد نظام متعدد الأقطاب بدلا من سيطرة نظام واحد.
وقال الجاسر خلال فعاليات منتدى جدة الاقتصادي الذي انطلقت جلساته أمس إن النظام الدولي الحالي بعيد عن المثالية ويحتاج الى أنظمة وقوانين أكثر قوة وصرامة مؤكدا أن الاعتماد على عملة احتياطية جديدة يعتمد على حصة الدولة في الإنتاج العالمي وتطور الأسواق المالية واستخدام العملة كوسيلة متبادلة مع بقية الدول.
من جانبه أكد نائب وزير الخزانة الأمريكية نيل ولين أن العالم خرج من الأزمة بنسبة نمو 5% الا أن تبعات الأزمة لا تزال تهدد الاقتصاد العالمي.
وأوضح المسؤول الأمريكي في منتدى جدة الاقتصادي أن الاقتصاد العالمي بحاجة لتعاون الدول وتوحيد أهدافها للخروج النهائي من هذه الأزمة من خلال إيجاد المحفزات الشرائية للمستهلكين وإيجاد أطر وهياكل واضحة للاصلاح الاقتصادي العالمي.
وقال في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الكويتية "كونا" إن السعودية اتخذت خطوات جادة للخروج من الأزمة من خلال تنمية اقتصادها ومثلها اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية خطوات داخلية وخارجية بعد الأزمة لتنظيم أسواق المال وإيجاد معايير أقوى ولوائح جديدة للائتمان المالي من خلال الدول العشرين.
وتحدث عضو البرلمان ومجلس العموم في كندا لي ريتشاردسون مبيناً دور بلاده في اخراج العالم من الازمة الاقتصادية ودور الدول العشرين في حل هذه الازمة، مستعرضا الخطوات التي اتخذتها بلاده بالتعاون مع بقية دول العالم للخروج من تلك الأزمة .
وتناولت الجلسة الثانية التي رأسها رئيس كلية الاقتصاد بجامعة كمبريدج البروفيسور حميد صابوريان مستقبل العملات الاحتياطية إذ تطرق إلى أهمية اصلاح النظام العالمي وجعله أكثر فعالية .
وأشار إلى أن الاحتياطي الفدرالي نجح في سياسة ضخ السيولة للحد من زيادة موجة الكساد إلا أنه زرع الشك في استمرارية الدولار كعملة احتياط عالمية ما قد يؤدي إلى مرحلة انتقالية إلى عملة احتياط بديلة.
من جهته طرح المدير العام ورئيس مجلس المديرين التنفيذيين في صندوق النقد العربي الدكتور جاسم المناعي تساؤلات حول إثارة موضوعات مستقبل العملات والخيارات الأخرى البديلة وموقف دول منطقة الشرق الاوسط، مرجعا ذلك إلى التطورات الاقتصادية العالمية التي حدثت خلال السنتين الماضيتين.
واعتبر المناعي في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء السعودية "واس" أن اليورو لا يمكن أن يلعب دور الدولار كعملة احتياطية لعدم امتلاكه السيولة الكافية فيما لم تبد الصين حرصا على لعب هذا الدور ولا تستطيع دول الخليج البحث عن عملة بديلة في المستقبل القريب.
وتناولت الجلسة الثالثة إعادة الثقة في المؤسسات المالية التي تحدث فيها كبير الإقتصاديين بالبنك السعودي الفرنسي الدكتور جون سفاكياناكيس أن الأزمة المالية العالمية زعزعت ركائز النظام المالي العالمي وفتحت أبواب النقاش حول مسألة إصلاحه واعتبرت الأولوية هي معالجة النظام المصرفي الذي شجع عمليات الإقراض العشوائية من خارج الميزانية إضافة إلى تشديد الرقابة على أسواق رؤوس الأموال وتم اقتراح ضوابط أكثر صرامة من أجل الإقراض الحذر كما تم انتقاد المكافآت الضخمة التي صرفت ووكالات التصنيف.
وأضاف أن النقاشات تركزت على الدور البارز الجديد الذي تلعبه الإقتصادات الناشئة كالصين في صندوق النقد الدولي كما طرحت التساؤلات حول الدور المستقبلي للدولار كعملة احتياط رئيسية وتم إعطاء أهمية أكبر لمجموعة العشرين ودورها في معالجة المشاكل المالية العالمية وتشكل هذه العوامل مجتمعة الخطوط المحورية للحلول التي طرحت حتى الآن.
وتعتبر العملة الخضراء أبرز ضحايا أزمة الرهن العقاري الأمريكية وذلك في ضوء المحاولات التي يبذلها بنك الاحتياط الفيدرالي لانتشال الاقتصاد الأمريكي من أثار تلك الأزمة وتحديدا مخاطر الركود التي ستلقي بالطبع بظلالها على أداء الاقتصاد العالمي.
ويمكن القول إن الانخفاضات الحادة لسعر الدولار في 2009 أمام العملات الرئيسية تعكس بصورة مباشرة حالة القلق إزاء صحة الاقتصاد الأمريكي الذي يعد أداؤه الأكثر تأثيرا في اتجاهات النمو الخاص بالاقتصاد العالمي.
وعلى الجانب الأخر نجد أن الانخفاضات القياسية الراهنة للعملة الأمريكية تلعب دورا في دعم أسعار السلع الاستراتيجية وفي مقدمتها النفط والذهب والتي أصبحت ملاذ آمن حقيقي لتقلبات أسواق المال.